الاثنين، 26 أبريل 2010

حكاية الفأر الذى تحول إلى نمر آسيوى


حكاية « فـأر » تحوّل إلى « نـمر »

« بلد » مساحته تعادل مساحة محافظة الوادي الجديد في مصر «٣٢٠ ألف كيلو متر مربع » ... وعدد سكانه ٢٧ مليون نسمة ، أي ثلث عدد سكان المحروسة ... كانوا حتى عام 1981 يعيشون فى الغابات ، ويعملون فى زراعة المطاط ، والموز ، والأناناس ، وصيد الأسماك ... وكان متوسط دخل الفرد أقل من آلف دولار سنوياً ... والصراعات الدينية « ١٨ ديانة » هي الحاكم ... حتى أكرمهم الله برجل أسمه «mahadir bin mohamat‏» ، حسب ما هو مكتوب في السجلات الماليزية .. أو « مهاتير محمد » كما نسميه نحن .. فهو الأبن الأصغر لتسعة أشقاء ... والدهم مدرس ابتدائي راتبه لا يكفي لتحقيق حلم ابنه « مهاتير » بشراء عجلة يذهب بها إلى المدرسة الثانوية .. فيعمل « مهاتير » بائع « موز » بالشارع حتى حقق حلمه ، ودخل كلية الطب فى سنغافورة المجاورة ... ويصبح رئيساً لإتحاد الطلاب المسلمين بالجامعة قبل تخرجه عام 1953 ... ليعمل طبيباً فى الحكومة الإنكليزية المحتلة لبلاده حتى استقلت « ماليزيـا » في عام 1957، ويفتح عيادته الخاصة كـ « جراح » ويخصص نصف وقته للكشف المجاني على الفقراء ... ويفوز بعضوية مجلس الشعب عام 1964 ، ويخسر مقعده بعد خمس سنوات ، فيتفرغ لتأليف كتاب عن « مستقبل ماليزيا الإقتصادي » في عام 1970 ... ويعاد انتخابه «سيناتور» في عام 1974 ... ويتم اختياره وزيراً للتعليم في عام 1975 ، ثم مساعداً لرئيس الوزراء في عام 1978 ، ثم رئيساً للوزراء في عام 1981 ، أكرر فى عام 1981 ، لتبدأ النهضة الشاملة التي قال عنها في كلمته بمكتبة الإسكندرية إنه استوحاها من أفكار النهضة المصرية على يد محمد علي .. فماذا فعل « الجراح الماليزي » ؟


أولاً : رسم خريطة لمستقبل ماليزيا حدد فيها الأولويات والأهداف والنتائج ، التي يجب الوصول إليها خلال ١٠ سنوات .. وبعد ٢٠ سنة .. حتى عام 2020 !!!

ثانياً : قرر أن يكون التعليم والبحث العلمي هما الأولوية الأولى على رأس الأجندة ، وبالتالي خصص أكبر قسم في ميزانية الدولة ليضخ في التدريب والتأهيل للحرفيين .. والتربية والتعليم .. ومحو الأمية .. وتعليم الإنكليزية .. وفي البحوث العلمية .. كما أرسل عشرات الآلاف كبعثات للدراسة في أفضل الجامعات الأجنبية .. فلماذا « الجيش » له الأولوية وهم ليسوا في حالة حرب أو تهديد ؟ ولماذا الإسراف على القصور ودواوين الحكومة والفشخرة والتهاني والتعازي والمجاملات والهدايا .. طالما أن ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع ؟

ثالثاً : أعلن للشعب بكل شفافية خطته واستراتيجيته ، وأطلعهم على النظام المحاسبي الذي يحكمه مبدأ الثواب والعقاب للوصول إلى « النهضة الشاملة » ، فصدقه الناس ومشوا خلفه ليبدأوا « بقطاع الزراعة » .. فغرسوا مليون شتلة « نخيل زيت » فى أول عامين لتصبح ماليزيا أولى دول العالم فى إنتاج وتصدير « زيت النخيل » !!!

ففي قطاع السياحة .. قرر أن يكون المستهدف في عشر سنوات هو ٢٠ مليار دولار بدلاً من ٩٠٠ مليون دولار عام 1981 ، لتصل الآن إلى ٣٣ مليار دولار سنوياً .. وليحدث ذلك ، حّول المعسكرات اليابانية التي كانت موجودة من أيام الحرب العالمية الثانية إلى مناطق سياحية تشمل جميع أنواع الأنشطة الترفيهية والمدن الرياضية والمراكز الثقافية والفنية .. لتصبح ماليزيا « مركزاً عالمياً » للسباقات الدولية فى السيارات ، والخيول ، والألعاب المائية ، والعلاج الطبيعي ، و... و... و....

وفي قطاع الصناعة .. حققوا فى عام 1996 طفرة تجاوزت ٤٦٪ عن العام السابق بفضل المنظومة الشاملة والقفزة الهائلة فى الأجهزة الكهربائية ، والحاسبات الإلكترونية.

وفي النشاط المالي .. فتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية لبناء أعلى برجين توأم فى العالم ..بتروناس .. يضمان ٦٥ مركزاً تجارياً فى العاصمة كوالالمبوروحدها .. وأنشأ البورصة التي وصل حجم تعاملها اليومي إلى ألفي مليون دولار يومياً.


وأنشأ أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض ، أصبحت ضمن أهم خمسمائة جامعة فى العالم يقف أمامها شباب الخليج بالطوابير ، كما أنشأ عاصمة إدارية جديدة
putrajaya‏ بجانب العاصمة التجارية «كوالالمبور» التي يقطنها الآن أقل من ٢ مليون نسمة ، ولكنهم خططوا أن تستوعب ٧ ملايين عام 2020 ، ولهذا بنوا مطارين وعشرات الطرق السريعة تسهيلاً للسائحين والمقيمين والمستثمرين الذين أتوا من الصين والهند والخليج ومن كل بقاع الأرض ، يبنون آلاف الفنادق بدءًا من الخمس نجوم حتى الموتيلات بعشرين دولار فى الليلة !!!


بإختصار .. إستطاع الحاج «مهاتير» من عام 1981 إلى عام 2003 أن يحلق ببلده من أسفل سافلين لتتربع على قمة الدول الناهضة التي يشار إليها بالبنان ، بعد أن زاد دخل الفرد من ١٠٠ دولار سنوياً في عام 1981 عندما تسلم الحكم إلى ١٦ ألف دولار سنوياً .. وأن يصل الإحتياطي النقدي من ٣ مليارات إلى ٩٨ ملياراً ، وأن يصل حجم الصادرات إلى ٢٠٠ مليار دولار ، فلم يتعلل بأنه تسلم الحكم فى بلد به ١٨ ديانة ، ولم يعاير شعبه بأنه عندما تسلم الكرسي فى عام 1981 كان عددهم ١٤ مليوناً والآن أصبحوا ٢٨ مليوناً ، ولم يتمسك بالكرسي حتى آخر نفس أو يطمع فى توريثه لأبنائه ...


في عام 2003 وبعد ٢١ سنة ، قرر بإرادته المنفردة أن يترك الجمل بما حمل ، رغم كل المناشدات ، ليستريح تاركاً لمن يخلفه « خريطة طريق » و« خطة عمل » اسمها « عشرين .. عشرين » .. أى شكل ماليزيا عام 2020 والتي ستصبح رابع قوة إقتصادية فى آسيا بعد الصين ، واليابان ، والهند.


لهذا سوف يسجل التأريخ .. « أن هذا الرجل المسلم » لم ترهبه إسرائيل التي لم يعترفوا بها حتى اليوم ، كما ظل ينتقد نظام العولمة الغربي بشكله الحالي الظالم للدول النامية ، ولم ينتظر معونات أمريكية أو مساعدات أوروبية ، ولكنه اعتمد على الله ، وعلى إرادته ، وعزيمته ، وصدقه ، وراهن على سواعد شعبه وعقول أبنائه ليضع بلده على « الخريطة العالمية » ، فيحترمه الناس ، ويرفعوا له القبعة !!!


وهكذا تفوق « الطبيب الجراح » بمهارته وحبه الحقيقى لبلده واستطاع أن ينقل ماليزيا التى كانت « فأراً » إلى أن تصبح «نمراً » آسيوياً يعمل لها ألف حساب !!!

أما « الجراحون » عندنا ، وفى معظم البلدان العربية ، فهم «كحلاقي القرية » الذين يمارسون مهنة الطب زوراً وبهتاناً .. فتجدهم ، إذا تدخلوا « بغبائهم » و« جهلهم » و« عنادهم » ، قادرين بإمتياز على تحويل « الأسد » إلى « نملة » !!!

ولله فى خلقه شؤون !!!

بقلم د. محمود عمارة 8 / 3 / 2010

الأحد، 25 أبريل 2010

إكتشف نفسك : هل أنت من الرواد المحتملين؟

البروفيسور دانييل آيسنبيرغ
أستاذ الإدارة العمليّة في بابسون كوليج

بعضُ أصدقائك يقتحمون ميدانها، ومن يعتنقونها تراهم يتصدّرون صفحات الأخبار والمقالات كلّ يوم، بل وزعماء البلاد الناهضة يشيدون بها ويحثّون الناس عليها.. فهل ينبغي عليك الآن اقتحام لجّة الريادة؟

هل يمكنك وهل ينبغي لك الانضمام إلى الملايين الذين يقدمون على القفزة ويطلقون أوّل مشاريعهم؟

من خلال تجربتي المديدة كرائد أعمال - ثم كأستاذ ريادة جامعيّ في الوقت الحاضر- تعلّمت عن وجود حدّ تلاؤمٍ واستعداد يشعر في أعماقهم الواقفون على مشارف الريادة. هناك محرّكات داخلية قوية تدفع المرء إلى إطلاق عمله الخاص. ومن أجل هؤلاء الروّاد المحتملين وضعتُ هذه المجموعة من الأسئلة الاستكشافية التي توضّح رؤية المرء لنفسه، وتزيد ثقته فيما يتخذه من قرارات الإقدام أو الإحجام.

هل ينبغي أن تقفز؟ وهل ينبغي أن تقفز الآن؟
المهمّة بسيطة: أجب بنعم أو بلا على كلٍ من بيانات الأسباب والدوافع التالية. وتذكّر: الصدق مع النفس هو أوّل مقوّمات التأهّل للريادة، وتذكر أن من أخطر وأسوأ الخدع والأكاذيب هي تلك التي نقوم بها بأنفسنا.

1
- لا أحبّ أن يملي عليّ تصرفاتي آخرون أقل مقدرةً منّي.
2- أحب أن أتحدّى نفسي
3- أعشق الانتصار
4- أحب أن أكون مدير نفسي
5- أبحث على الدوام عن طرقٍ جديدة أفضل للقيام بالأمور
6- أحبّ تمحيص الأساليب والقناعات القديمة
7- أحب جمع الناس معاً لتحقيق المنجزات
8- أفكاري تبث الحماس في الناس
9- يكاد يستحيل عليّ الركون إلى أي حال والاقتناع بأي إنجاز
10- لا أصبر على الجلوس في مكاني دون أنجز شيئاً بنفسي
11- في معظم الأحوال يمكنني أن أجد بنفسي مخرجاً من الصعاب المآزق
12- أن واجه العواصف والغرق في مركبي خير لي من الرخاء واليسار في مراكب الآخرين
13- حيثما تبرز مشكلة تجدني مستعداً للانقضاض عليها
14- أعتقد أنّ الإنسان -مهما كان عمره- يبقى قادراً على تعلّم مهارات وأساليب جديدة، أو حتّى ابتكارها.
15- هنالك أفرادٌ في عائلتي يستقلّون بتسيير أعمالهم الخاصة
16- لديّ أصدقاء يديرون أعمالهم الخاصة
17- في فتوّتي وبداية شبابي كنت أعمل بعد الدراسة وفي العطلات
18- الخوض في تعاملات البيع للناس يبثّ فيّ حيويةً واندفاعاً كالتي تصيب الرياضيّين في المسابقات
19- تحقيق النتائج مصدر بهجتي الأكبر
20- يمكنني صياغة اختبار أفضل من هذا. (وما كنت سأغيّره أو أضيفه هو...)

إن أجبت بنعم على سبعة عشر أو أكثر من البيانات السابقة، فامض الآن إلى الخطوة التالية وانظر في دفتر شيكاتك (إن كنت محظوظاً ولديك هذا الدفتر). إن لم تكن الشركة التي أصدرت تلك الشيكات مملوكةً لك فعلاً فهذا أوان الغوص في دراسة ظروفك واستكشاف دوافعك.

هل عليك ديون ينبغي تسديدها؟ هل لديك أبناء على مقاعد الدراسة؟ هل تجب عليك نفقةٌ عائلية لا فكاك منها؟

إن كان الأمر كذلك فإن من الأفضل لك التمهّل والانتظار، وأمّا إن كان لديك ذخيرةٌ من المال السائل (وبطاقات ائتمان شغّالة)، وإن كان يقف مشجّعاً وداعماً إلى جانبك شريك حياة أو أفراد أسرة أو أصدقاء فما عليك من بأس في أن تمضي إلى استكشاف نوع العمل الذي تحب إطلاقه.

والعمر ليس قضية يحسب حسابها هنا. وعلى سبيل الاطمئنان تخبرك الدراسات الحديثة أن أعداد من يطلقون شركاتٍ ناشئةً وأعمارهم تتجاوز الخمسين تزداد يوماً بعد يوم.

تحدّث إلى من قاموا بالقفزة فعلاً. تعلّم كيف تخطّط وكيف تنتهي إلى تقديم منتجك أو خدمتك. ادرس تفاصيل تلك الشركة الصغيرة التي تتطلّع إلى شرائها. تحدّث مع الناس الذين ترغب في عملهم إلى جانبك وتحدّث كذلك مع عملائك المحتملين.

الريادة درب تختاره عن تعقل
هو ليس هواية مزاجية كما إنّه ليس مهرباً اضطرارياً
"أهوى اقتحام المخاطرة" ليس من بيانات الاختبار التي اخترتها لكم. والسبب في ذلك هو أن الروّاد لا يختارون سلوك الريادة لأنهم يرغبون في نمط حياةٍ أكثر خطورة.

ما يقومون به حقاً هو المقارنة والاختيار بين نوعين أو مجموعتين من المخاطرات: تضم المجموعة الأولى كلّ ما يكرهونه في الوظيفة الثابتة (مثل الضجر، العمل لدى مدير سيّء، فقد الاستقلالية، ضعف التحكم بالمصير، والخوف من الاستغناء عن خدماتهم في أية لحظة) وتضم المجموعة الثانية الأشياء التي يخشونها في سلوك الريادة مثل (الإخفاق، غموض الأمور المالية، التعرّض للخجل والإذلال، ضياع المال المستثمر).

وفي النهاية يتوصّل من كتب لهم أن يصبحوا روّاداً إلى الاقتناع بأنّ ما لديهم من مقدرات وخصال (الروح القيادية، وغنى الموارد، والشجاعة، والجلد) أو ما لديهم من أصول ومقوّمات مادية وغير مادية (مثل المال، أو الملكية الفكرية، أو المعلومات، أو الوصول إلى العملاء) ستخفّف تخفيفاً كبيراً مخاطرة سلوك الريادة وترجّح كفّتها. المخاطرة في النهاية تبقى تقديراً شخصياً: ما هو خطير لدى زيد ليس بالضرورة خطيراً لدى عمرو.

"
أريد أن أكون ثرياً" ليس من البيانات المختارة أيضاً. فمع الاستواء في بقية الظروف الأخرى (ونادراً ما يتحقق هذا الاستواء في الواقع) فإن عموم الناس الذين يطلقون أعمالهم الخاصة لا يكسبون من المال أكثر ممن يعملون لدى الآخرين.

والأقلّية التي تصيب ثروة طائلة من وراء الريادة لا تغيّر هذه القاعدة. لكنّ المكاسب المعنويّة (متعة التحدّي، والاستقلالية، وتقدير الجهد، وفسحة الإبداع والديناميكية) هي التي تجعل بذل الجهد واختيار مخاطرة الريادة مطلباً قيماً وجديراً بما يبذل من أجله.

وتقبلوا تحياتي،،

أسامة النباهين

الأحد، 18 أبريل 2010


للعلاقات شأن عظيم في حياة البشر، إذ لا يستطيع المرء أن يستغني بنفسه عن غيره، كما أن كثيراً من الأفكار المتواضعة تُروَّج ويتم تسويقها وتبلغ مبلغاً عظيماً بسبب العلاقات
إن كثيراً ممن لا قيمة لهم ولا وزن بين العقلاء والحكماء والأذكياء يتقدمون على غيرهم لا لشيء إلا لكونهم أصحاب علاقات متميزة
لهذا فإننا ندعو أصحاب التأثير النافع وصناع الحياة الكريمة أن لا يهملوا هذا الميدان ولا يفروا من هذا المضمار، إذ أنه باب واسع مهم يمكنهم الولوج منه إلى ساحات فسيحة للتأثير

وإذا أردت أن تقيم علاقة مع الآخرين فإننا توصيك بطريقة
(SMILE)
وهي عبارة عن خمس وصايا مجموعة في هذه الكلمة ، وهي كالتالي :
ابتسم (S: smile)
صافح (M: make shake)
عرِّف نفسك (I : introduce)
تعرف على الطرف الآخر (L : learn)
طالعه بعينك (E : Eye contact)


*******
النصائح الخمس سالفة الذكر يمكن الاستفادة منها لمن يريد أن يعطي انطباعاً جيداً عنه في أقل من ثلاثين ثانية، ومن ثم يستطيع الولوج بهذا الانطباع إلى قلوب الآخرين ليقيم معهم علاقات جيدة. كما يحسن بنا الإشارة إلى عشر وصايا رئيسة في صناعة العلاقات المتميزة، وهذه الوصايا هي


1.
اجعل علاقاتك مع الآخرين خالصة لله تعالى ، وكن صادقاً فيها أميناً عليها، وتجنب الخداع والنفاق، واحذر لبس الأقنعة المزيفة فسرعان ما يتم كشفها وإماطتها لتتعرى أقوالك وأفعالك وتنكشف سوءة أخلاقك وسلوكك، وصدق زهير بن أبي سلمى حينما قال
ومهما تكن عند امرىء من خليقة
وإنْ خالها تخفى عن الناس تُعْلَمِ


2.
لا بد أن تكون لك أهداف واضحة من كل علاقة تصنعها، فالأمر ليس عبثاً ولا مضيعة للوقت


3.
ليس كل علاقة هي علاقة مهمة ومؤثرة، وبمعنى آخر أن العلاقات متفاوتة من حيث الأهمية والتأثير، لذا ينبغي تحديد العلاقات المؤثرة في مشروعك التأثيري، والتركيز عليها، وإعطاؤها الأولوية والأهمية، وهذا ما دعا إليه العالم الإيطالي باريتو في قاعدته الشهيرة: قاعدة 20/80.. حيث إن 20% من العلاقات تحقق لك 80 % من النتائج التي تريد، لذا لا تضيع وقتك في علاقات غير مؤثرة، واجعل 80% من جهدك ومالك ووقتك.. وليس فقط 20% يُصرف في العلاقات المهمة والنافعة والمؤثرة في هندسة الحياة


4.
إذا أردت اختصار الوقت فابحث عن المنابر الجماهيرية التي توصلك إلى عدد كبير من الناس في وقت قصير ومن خلال جهد يسير، مثل: التلفزيون، الصحافة، والإنترنت، والإذاعة، المحاضرات الجماهيرية، الخطب، أشرطة الكاسيت، الكتب، وغيرها


5.
من المهم التعرف على عدد كبير من الناس وتكوين علاقات عامة معهم، ولكن الأهم من ذلك توطيد هذه العلاقات واستثمارها لصالح مشروعك التأثيري، فكم من الناس لديهم علاقات واسعة مع الرؤساء والوزراء والتجار والعلماء والخبراء وأصحاب النفوذ والوجاهة وغيرهم، ولكنهم لم يستثمروا هذه العلاقات يوماً من الأيام ولم يوجهوها لتخدمهم في صناعة الحياة وإحداث التأثير، بل ليس لديهم القدرة على ذلك، فالعلاقة التي بينهم وبين الآخرين علاقة هشة ضعيفة غير موطدة ولا موجهة ولا مهدفة، فهؤلاء إنما يخدعون أنفسهم ويضيعون أوقاتهم ويضحكون على ذقونهم


6.
احذر أن تُشْعِر الأطراف الذين تقيم العلاقة معهم بأن علاقتك هذه هي علاقة مصالح فقط، بل ينبغي أن يشعروا بأنك حريص عليهم وعلى مصالحهم، وأن علاقتك هذه هي علاقة إنسانية أخوية حميمةوإن كان يرافقها بعض المصالح


7.
من يريد صناعة الحياة فعليه أن يصنع لنفسه شخصية قوية، لذا لا يجوز له أن يحط من قدره أو أن يضعف من شخصيته لتذوب وتضمحل عند من يود صناعة العلاقات معهم، وصدق حسان بن ثابت رضي الله عنه إذْ يقول
قومٌ إذا حاربوا ضرُّوا عدوَّهـم
أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
إن كان في الناس سبَّاقون بعدهم
فكل سبْقٍ لأدنى سبقهم تَـبـَعُ


8.
المال عنصر مهم في صناعة العلاقات، إذ قد تحتاج إلى مال لتسوق نفسك عند الآخرين، كما أنك إذا استطعت أن تجعل من علاقتك مع المؤثرين سبباً في زيادة أموالهم فقد خطوت خطوات سريعة تجاه استثمار هذه العلاقة لصالح مشروعك التأثيري، حيث وجدنا أن أقرب الناس إلى أصحاب القرار والمتنفذين هم الذين ينمُّون لهم أموالهم، وإن كانوا أقل الناس قدراً وعلماً وشأناً


9.
إن الناس يهتمون بك أكثر عندما تُشعرهم باهتمامك بهم، لذا احرص على تحية الآخرين بحرارة، ومصافحتهم بقوة وحماس، وسلِّم عليهم بطريقة تشعرهم أنك مسرور بلقائهم، بل وأشعرهم دائماً أنهم مهمون بالنسبة لك


10.
إن التعبير الذي يرتسم على وجهك أهم كثيراً من الملابس التي ترتديها

*******
د. جلال القحطاني


--

السبت، 10 أبريل 2010

كن متميزا

كيف تغير نفسك .. عاداتك ترسم مصيرك


'كان هناك ضفدع يقفز بين أوراق الأشجار الطافية بعد أن أغرق ماء النهر بفيضانه الأرض حوله، فلمح الضفدع عقربًا يقف حائرًا على أحد الصخور، والماء يحيط به من كل جانب، قال العقرب للضفدع: يا صاحبي ألا تعمل معروفًا وتحملني على ظهرك لتعبر بي إلى اليابس فإني لا أجيد العوم، ابتسم الضفدع ساخرًا وقال: كيف أحملك على ظهري أيها العقرب وأنت من طبعك اللسع؟ قال العقرب في جدية: أنا ألسعك؟! كيف وأنت تحملني على ظهرك، فإذا قرصتك مت في حينك وغرقت وغرقت معك؟ تردد الضفدع قليلاً وقال للعقرب: كلامك معقول ولكني أخاف أن تنسى. قال العقرب: كيف أنسى يا صديقي، إن كنت سأنسى المعروف، فهل أنسى أني معرض للموت؟ هل أعرض نفسي للموت بسبب لسعة؟! بدت القناعة على الضفدع بسبب لهجة العقرب الصادقة، فاقترب منه، فقفز العقرب على ظهره وسار الضفدع في النهر يتبادل الحديث الهادئ مع العقرب الساكن على ظهره، وفي وسط النهر تحركت أطراف العقرب في قلق، وتوجس الضفدع شرًا، فقال للعقرب في ريبة: ماذا بك يا صديقي؟ قال العقرب في تردد وقلق: لا أدري يا صديقي، شيء يتحرك في صدري. زاد الضفدع من سرعته عومًا وقفزًا في الماء، وإذا به يستشعر لسعة قوية في ظهره، فتخور قواه بعد أن سرى سم العقرب في جسده، وبينما يبتلع الماء جسديهما نظر الضفدع إلى العقرب في أسى وهو يبتلع الماء ليغرق، فقال العقرب في حزن شديد قبل أن يبتلعه الماء: اعذرني... الطبع غلاب يا صاحبي'

ترى لماذا تصرف العقرب بهذه الطريقة؟ هل لأنه كان يحب فعلاً أن يلسع الضفدع أو يهلك نفسه؟! كلا، ولكن العقرب تعود منذ مولده أن يتصرف بطريقة معينة حيال أي كائن حي يحتك به ، هي أن يلسعه لأنه خطر عليه، وهذا ما نسميه بالعادة،

فالعادة هي سلوك متكرر يصدر من الشخص بصورة لا إرادية نتيجة قناعة ترسخت في عقله الباطن عبر السنين.

خطورة العادات:

وتنبع خطورة العادات من أنها تتحكم تمامًا في سلوكيات الإنسان وبالتالي تتدخل في كل لحظة من لحظات حياته، فالإنسان في الحقيقة ما هو إلا مجموعة من العادات، كما تقول الحكمة القديمة: 'اغرس فكرة احصد فعلاً، اغرس فعلاً احصد عادة،اغرس عادة احصد شخصية ، اغرس شخصية احصد مصيرًا'

فالعادات في النهاية هي التي تحدد مصير الإنسان بإرادة الله تعالى في الحياة سواء كان النجاح أم الفشل.

مثال: إنسان لديه عادة التسويف والكسل.

كيف تكونت لديه هذه العادة؟

1 شب منذ صغره فرأى أباه أو أمه يكسلون عن واجباتهم، ويسوفون أعمالهم0000فكرة.

2 بدأ يمارس نفس هذا الأفعال التي رآها من والديه00000فعل.

3 بتكرار الفعل ومع مرور السنين تكون لديه سلوك الكسل 00000عادة.

ما رأيك إنسان عنده عادة التسويف والكسل وإيثار الدعة والراحة على العمل الجاد الدءوب، فكيف سيكون ذلك مؤثرًا على حياته؟

لا شك أنه سيحصد شخصية كسولة تقوده إلى مصير الفشل الذريع.

وعلى العكس من ذلك إنسان لديه عادة الجدية والالتزام، وبدأ يمارس نفس الأفعال ومع الممارسة لأفعال الجدية وحب النشاط والعمل ترسخت في نفسه تلك العادة، فحصد شخصية جادة نشيطة منضبطة لابد أن تقوده في النهاية إلى مصير النجاح بعون الله تعالى.

إذن فنجاح الإنسان وخروجه من نفق الفشل مرتبط بعاداته ، فللنجاح عادات كما أن للفشل عادات.

هل من الممكن تغيير العادات؟

عندما انطلقت السفينة [أبوللو 2] في رحلتها إلى القمر، تجمد المشاهدون على شاشات التلفاز وفي محطة الإطلاق في أماكنهم ،حينما رأوا أول إنسان يمشي على القمر ثم يعود إلى الأرض، ومن أجل الوصول إلى هناك كان على رواد الفضاء في تلك السفينة أن يتخلصوا من أكبر عائق في طريق الوصول ألا وهو قوة الجاذبية الأرضية، ومن أجل ذلك تم تحميل تلك السفينة على صاروخ فضائي ذي مراحل مختلفة، استخدم هذا الصاروخ في المرحلة الأولى للإطلاق كمًا هائلاً من الطاقة في الدقائق الأولى من الإطلاق خلال الأميال الأولى القليلة من الرحلة، يزيد عما استخدم في غضون الأيام التالية لقطع مسافة حوالي نصف مليون ميل ، وذلك للتخلص من أسر الجاذبية الأرضية

وعادات الإنسان أيضًا لها قوة جذب هائلة لأنها القناعات التي نتجت عنها قد استقرت في أعماق العقل الباطن عبر السنين، ولكن مع ذلك يمكن تغييرها بالجهد والمتابعة، ومع أن ذلك يستغرق جهدًا جبارًا في أول الأمر، لكننا بعد ذلك يخف الأمر علينا بعد أن نشعر بالتخلص من أسر هذه العادات وما لها من آثار سلبية على حياتنا، والرائع في الأمر أننا عندما نستبدل عادات الفشل بعادات النجاح، فإن عادات النجاح أيضًا تكون لها نفس تلك الجاذبية القوية، بمعنى أننا لن نستطيع التخلي عنها بسهولة مما يحتم علينا أن ننجح ولو رغمًا عنا، فالعادات إذن لها قوة جذب هائلة وبإمكانك أن تسخر تلك القوة لتعمل لصالحك، أو تسخرك هي لنفسها لتعمل ضد نفسك، فالعادات يمكن تغييرها جزمًا، وهذا مقتضى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].

يقول الإمام الغزالي رحمه الله: 'لو كانت الأخلاق لا تقبل التغيير لبطلت الوصايا والمواعظ والتأديبات، ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[حسنوا أخلاقكم]] وكيف ينكر هذا في حق الآدمي وتغيير خلق البهيمة ممكن، إذ ينقل الصقر من الاستيحاش إلى الأنس، والكلب من شره الأكل إلى التأدب والإمساك، والفرس من الجماح إلى سلاسة الانقياد، وكل ذلك تغيير للأخلاق'**************

دع التفكير السلبى واجعل قناعاتك إيجابية

أحد الطلاب




في إحدى الجامعات في كولومبيا حضر أحد الطلاب
محاضرة مادة الرياضيات ..
وجلس في آخر القاعة (ونام بهدوء )..
وفي نهاية المحاضرة استيقظ على أصوات الطلاب ..
ونظر إلى السبورة فوجد أن الدكتور كتب عليها مسألتين
فنقلهما بسرعة وخرج من القاعة وعندما رجع البيت بدأ يفكر في حل هذه المسألتين ..
كانت المسألتين صعبة فذهب إلى مكتبة الجامعة وأخذ المراجع اللازمة ..
وبعد أربعة أيام استطاع أن يحل المسألة الأولى ..
وهو ناقم على الدكتور الذي أعطاهم هذا الواجب الصعب !!
وفي محاضرة الرياضيات اللاحقة استغرب أن الدكتور لم يطلب منهم الواجب ..
فذهب إليه وقال له : يا دكتور لقد استغرقت في حل المسألة الأولى أربعة أيام
وحللتها في أربع أوراق ..


تعجب الدكتور وقال للطالب : ولكني لم أعطكم أي واجب !!
والمسألتين التي كتبتهما على السبورة هي أمثلة كتبتها للطلاب
للمسائل التي عجز العلم عن حلها ..!!




ان هذه القناعة السلبية جعلت الكثير من العلماء لا يفكرون حتى في محاولة حل هذه المسألة ..
ولو كان هذا الطالب مستيقظا وسمع شرح الدكتور لما فكر في حل المسألة .
ولكن رب نومة نافعة ...
ومازالت هذه المسألة بورقاتها الأربع معروضة في تلك الجامعة.






اعتقاد بين رياضي الجري


قبل خمسين عام كان هناك اعتقاد بين رياضي الجري ..
أن الإنسان لا يستطيع أن يقطع ميل في اقل من أربع دقائق ..
وان أي شخص يحاول كسر الرقم سوف ينفجر قلبه !!
ولكن أحد الرياضيين سأل هل هناك شخص حاول وانفجر قلبه ، فجاءته الإجابة بالنفي !!
فبدأ بالتمرن حتى استطاع أن يكسر الرقم ويقطع مسافة ميل في أقل من أربع دقائق ..
في البداية ظن العالم أنه مجنون أو أن ساعته غير صحيحة
لكن بعد أن رأوه صدقوا الأمر واستطاع في نفس العام أكثر من 100 رياضي ..
أن يكسر ذلك الرقم !!
بالطبع القناعة السلبية هي التي منعتهم أن يحاولوا من قبل ..
فلما زالت القناعة استطاعوا أن يبدعوا ..



حقاً إنها القناعات ..

يذكر أن هناك ثلاجه كبيرة تابعة لشركة لبيع المواد الغذائية… ويوم من الأيام دخل عامل إلى الثلاجة…وكانت عبارة عن غرفة كبيرة عملاقة… دخل العامل لكي يجرد الصناديق التي بالداخل…فجأة وبالخطأ أغلق على هذا العامل الباب…
طرق الباب عدة مرات ولم يفتح له أحد … وكان في نهاية الدوام وفي آخر الأسبوع…حيث أن اليومين القادمين عطله … فعرف الرجل أنه سوف يهلك…لا أحد يسمع طرقه للباب!! جلس ينتظر مصيره…وبعد يومين فتح الموظفون الباب… وفعلاً وجدوا الرجل قد توفي…ووجدوا بجانبه ورقه…كتب فيها… ماكان يشعر به قبل وفاته…وجدوه قد كتب…(أنا الآن محبوس في هذه الثلاجة…أحس بأطرافي بدأت تتجمد…أشعر بتنمل في أطرافي…أشعر أنني لا أستطيع أن أتحرك…أشعر أنني أموت من البرد…) وبدأت الكتابة تضعف شيئا فشيئا حتى أصبح الخط ضعيف…الى أن أنقطع…


العجيب أن الثلاجه كانت مطفأه ولم تكن متصلة بالكهرباء إطلاقاً !!

برأيكم من الذي قتل هذا الرجل؟؟
لم يكن سوى (الوهم) الذي كان يعيشه… كان يعتقد بما أنه في الثلاجة إذن الجو بارد جداً تحت الصفر…وأنه سوف يموت…واعتقاده هذا جعله يموت حقيقة…!!

لذلك (أرجوكم) لا تدعوا الأفكار السلبية والإعتقادات الخاطئه عن أنفسنا أن تتحكم في حياتنا… نجد كثير من الناس قد يحجم عن عمل ما من أجل أنه يعتقد عن نفسه أنه ضعيف وغير قادر وغير واثق من نفسه…وهو في الحقيقة قد يكون عكس ذلك تماماً…






الفيل والحبل الصغير


كنت أفكر ذات يوم في حيوان الفيل، وفجأة استوقفتني فكرة حيرتني وهي حقيقة أن هذه المخلوقات الضخمة قد تم تقييدها في حديقة الحيوان بواسطة حبل صغير يلف حول قدم الفيل الأمامية، فليس هناك سلاسل ضخمة ولا أقفاص.. كان من الملاحظ جداً أن الفيل يستطيع وببساطة أن يتحرر من قيده في أي وقت يشاء لكنه لسبب ما لا يقدم على ذلك!

شاهدت مدرب الفيل بالقرب منه وسألته: لم تقف هذه الحيوانات الضخمة مكانها ولا تقوم بأي محاولة للهرب؟

حسناً، أجاب المدرب: حينما كانت هذه الحيوانات الضخمة حديثة الولادة وكانت أصغر بكثير مما هي عليه الآن، كنا نستخدم لها نفس حجم القيد الحالي لنربطها به.

وكانت هذه القيود - في ذلك العمر- كافية لتقييدها.. وتكبر هذه الحيوانات معتقدة أنها لا تزال غير قادرة على فك القيود والتحرر منها بل تظل على اعتقاد أن الحبل لا يزال يقيدها ولذلك هي لا تحاول أبداً أن تتحرر منه ، كنت مندهشاً جداً. هذه الحيوانات - التي تملك القوة لرفع أوزان هائلة- تستطيع وببساطة أن تتحرر من قيودها، لكنها اعتقدت أنها لم تستطع فعلقت مكانها كحيوان الفيل، الكثير منا أيضاً يمضون في الحياة معلقين بقناعة مفادها أننا لا نستطيع أن ننجز أو نغير شيئاً وذلك ببساطة لأننا نعتقد أننا عاجزون عن ذلك، أو أننا حاولنا ذات يوم ولم نفلح.
إجعل قناعاتك إيجابية

أعرف نفسك

ومعنى ذلك أن تتعرف على مواهبك التي منحك الله، فتوظفها في بابها، سواءً علماً أو عملاً أو مهنة، فإن لكل مذهباً ومشرباً صنوان وغير صنوان، وقد علم كل أناس مشربهم، ولكل وجه هو موليها، والناس أجناس، فحق على العاقل أن يمهر فيما يجيد، وكل ميسر لما خلق له، ومن يلاحظ حياة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يجد أن كل واحد منهم أجاد في بابه، فأبو بكر ضرب في كل غنيمة بسهم ولكنه برز في الخلافة والقيادة مع العدل والزهد والإخلاص والصدق...

وعمر قوي في ذات الله شديد على أعدائه، عادل في حكمه، وعثمان رحيم شفوق ذو تهجد وصدقات وبر وحياء ورقة، وعلى شجاع صارم خطيب نجيب فقيه...

وأبي سيد القراء، ومعاذ إمام العلماء، وخالد رمز الأبطال، وابن عباس ترجمان القرآن، وحسان مقدم الشعراء، وزيد بن ثابت كبير علماء الفرائض، وأبو هريرة شيخ الرواة، وهكذا...

فاكتسب معارفك بنفسك بمهارتك وتجاربك ومزاولتك للأعمال ومباشرتك للحياة...

إن الكتب تلقن الحكمة، لكنها لا تخرج الحكماء، وإن الذين امتازوا في العلوم والفنون لم يتعلموا في المدارس فحسب بل تعلموا في مدرسة الحياة ومصنع التجار ..

إن كتاباً في فن السباحة يعطي مفاتيح في هذا الباب لكن لا يمنع الجاهل بالسباحة من الغرق، لكن أفضل طريقة له أن يهبط إلى النهر ليتعلم فيه مباشرة ً...

ومثله الخطيب البارع فإنه لم يمهر ويتميز لأنه قرأ مجلدات في فن الخطابة، بل لأنه صعد المنابر وأخطأ وأصاب، وفشل ونجح، وجرب وتدرب، حتى بلغ الغاية في هذه الموهبة...

فإذا أردت البراعة في أي علم أو عمل أو موهبة فاغمس نفسك فيه وانصهر في معاناته، واحترق بحبه، والشغف به إلى درجة العشق وللناس فيما يعشقون مذاهب، وكما قال الشاعر:

وإنما رجل الدنيا وواحدها

من لا يعول في الدنيا على رجل

فلا تظن أن النجاح سوف يقدم لك هبة على طبق من ذهب وإن أقبح نصر هو ما كان عن هبة:

وأقبح النصر نصر الأغبياء

فهم سوى فهم كم باعوا وكم كسبوا

لكن النجاح الغالي هو ما حصل بجهد وعرق ومشقة ودموع ودماء وسهر وتعب ونصب وتضحية وفداء، وكما قال أبو الطيب:

لولا المشقة ساد الناس كلهم

الجود يفقر والإقدام قتال

إن الناس لا يرحمون الفاشل، وإن الساقط مغضوب عليه وكما قيل: إذا وقع الجمل كثرت سكاكينه، لأن الناس لا يحترمون إلا كل ناجح متفوق، فتراهم ينظرون إليه خاشعة أبصارهم، إذا كنت عالماً أو نابهاً أو غنياً أو مرموقاً أو مصلحاً، أما البليد الغبي الفاشل الساقط فلا تلمحه العيون، لأنها لا تراه أصلاً:

من يهن يسهل الهوان عليه

ما لجرح بميت إيلام

فعليك بطريق التعب والمشقة حتى تصل: )وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ)(الحج: من الآية78) .. وإياك ثم إياك والكسل والتواني والتسويف والأماني فإنها رؤوس أموال المفاليس: )رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ )(التوبة: من الآية87) ..

إن الله يحب المجاهدين ويكره العجزة الفاشلين، وإن ألذ خبز هو ما حصل بعد عرق الجبين، وإن أهنأ نوم ما كان بعد تعب، وإن أحسن شبع ما سبقه جوع، وإن الورد لا يفوح حتى يعرق، وإن العود لا يزكو حتى يحترق:

لولا اشتعال النار فيما جاورت

ما كان يعرف نفخ طيب العود

إن الماء الراكد يأسن ويتغير طعمه، لكن إذا جرى وسرى طاب وعذب، وإن الكلب الجاهل حرام صيده، لكن صيد الكلب المدرب حلال، لأنه أتى بعد جهد ودربه ومعرفة، يقول الشاعر:

تريدين إدراك المعالى رخيصة

ولا بد دون الشهد من إبر النحل

فالبدار البدار قبل تقضى الأعمار فلا راحة مع الليل والنهار:

ولا تقل الصبا فيه امتهال

وفكر كم صبي قد دفنتا

من مفاتيح التميز

همة تناطح الثريا

قال تعالى: )لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) (المدثر:37)، وقال:)وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ)(الحج: من الآية78)، وقال: )وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ )(آل عمران: من الآية133)، وقال: )وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (الواقعة:10)، وقال:) وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)(المطففين: من الآية26)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير، أحرص على ما ينفعك واستعن بالله )، وقال: ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني )، وقال: ( اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك)...

وقال لأحد لأصحابه: ( أعني على نفسك بكثرة السجود)، وقال لآخر: ( لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله )، وكان يقول: ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من البخل والجبن، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، وقام من الليل حتى تفطرت قدماه وربط الحجر على بطنه من الجوع، وربما صلى أكثر الليل، وصبر على الإيذاء، والسب والشتم والطرد من الأوطان والجراح في المعركة والجوع، وجاهد أعداء الله من مشركين ويهود ونصارى ومنافقين، وكان أعظم الناس جهاداً وأحسنهم خلقاً، وأجلهم إيماناً، وأسدهم رأياً وأنبلهم كرماً، وأكرمهم نفساً، وأطيبهم عشرة، وأشجعهم قلباً، وأسخاهم يداً وأكبرهم همة، وأمضاهم عزيمة، وأكثرهم صبراً صلى الله عليه وسلم...

وصبر معه أصحابه أجل الصبر، وجاهدوا أحسن الجهاد، فوقفوا مواقف تشيب لها الرؤوس، فضحوا بأموالهم وأنفسهم، وقدموا الغالي والرخيص في سبيل الله، ولقوا الألاقي في مرضاته، فنكل بهم من أعدائهم، فمنهم من قتل ومنهم من جرح، ومنهم من قطعت أعضاؤه ومزقت أطرافه، وأكلوا من الجوع ورق الشجر، وسحب بعضهم على الرمضاء، وحبس البعض، هذا وهم صامدون، مجاهدون، يستعذبون من أجل دينهم العذاب ويستسهلون الصعاب، ويتجرعون الغصص .

فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينفق ماله كله في سبيل الله، ويهب عمره كله لمرضاة الله، فهو المصلي الصائم المنفق المجاهد المضياف الجواد البار الصادق الذاكر العابد القانت، الأواب، حتى أنه ليدعى من أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة لكثرة فضائله وإحسانه، وهو رفيق الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة، وصاحبه في الغار، ما تخلف عن غزوة ولا تأخر عن معركة، بل هو السباق الأول إلى الإسلام، والهجرة والجهاد، والبر التقوى، وما استحق كلمة الصديق ولا تاج القبول ولا وسام البر إلا بعد جهاد عظيم وخلق مستقيم وفضل عميم...

وهذا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغ الغاية في الزهد والورع مع ما سبق له من المقامات الجليلة في الإيمان والتضحية والهجرة والجهاد، والإنفاق مع خشية لربه، ومراقبة لمولاه، وعدل في رعيته، وضبط لشئون المسلمين وإتقان لعمله في الخلافة مع الصديق في السر والعلن، والإنصاف في الغضب والرضى، مع ما كان عليه من الفقه في الدين والاجتهاد في معرفة الوحي، واستنباط الحكم من النصوص ..

وهذا عثمان بن عفان ذو النورين رضي الله عنه الذي سارع إلى الاستجابة لله ولرسوله فأسلم قديماً، ولزم الرسول صلى الله عليه وسلم مع العسر واليسر، فصدق مع الله في جهاده وهجرته وإنفاقه فجهز جيش العسرة، واشترى بئر رومة، وأوقفها على المسلمين، ومهر في القرآن وجوده حتى كان يتهجد به أكثر الليل مع الحياء من الله والسعي في مرضاته، مع صدق اللهجة وكرم النفس، وطهر الضمير وحمد السيرة...

وهذا على بن أبي طالب أمير المؤمنين أبو الحسن رضي الله عنه كان سيد الشجعان، ورائد الفرسان حضر المعارك، وجالد بسيفه، وقتل الأقران، فكان ميمون النقيبة، مبارك السيرة، طيب السريرة، مع ما كان عليه من علم غزير وفهم ثاقب، وفصاحة مشرقة وشجاعة متناهية، وزهد عظيم وإقدام وتضحية وهمة ومضاء، وعزيمة وإباء، حتى استحق هذه المنزلة بجدارة، وتأهل للمجد بحق...

وهذا أبي بن كعب سيد القراء، جمع القرآن وأتقنه وحفظه، وضبط فعلم، وعلم وصدق ونصح حتى صار آية في هذا الفن، ومرجعاً في هذا الباب...

وهذا الزبير بن العوام أحد العشرة، أصيب في كل شبر من جسمه في سبيل الله، فكان حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفيقه في الجنة...

وسعد بن أبي وقاص أحد العشرة وخال الرسول صلى الله عليه وسلم صدق الله فكان مجاب الدعوة، ثابت القلب، فنصره الله على أهل فارس، ورفع به رأس كل مسلم، وكبت به أعداء الله فكان الأسد في براثنه...

وعبد الرحمن بن عوف أحد العشرة تصدق بقافلة في سبيل الله بجمالها وحمولتها طلباً لمرضاة الله، وأنفق في كل عمل راشد مبرور...

وهذا ابن عباس حبر الأمة، وبحر الشريعة وترجمان القرآن، جد في طلب العلم وحرص عليه غاية الحرص وبلغ النهاية في فهم الوحي، وتصدر لتعليم الناس، فكان عجباً في حفظه، وفهمه وبيانه وكرمه وسخائه، حتى صار إماماً للناس لما صبر وجاهد وعلم وتعلم...

وهذا معاذ بن جبل، إمام العلماء طلب العلم من معلم الخير صلى الله عليه وسلم وعمل بما علمه الله فكان مثل العالم العامل المنيب المخبت الزاهد العابد، ودعا إلى الله وعلم عباده، وجاهد في سبيله، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، مع فقه عميق وخلق كريم، ورفق بالناس، وسخاء بذات يده...

وأبو هريرة سيد الحفاظ، جمع الحديث حفظاً وبلغه الأمة صدقاً فكان الحافظ الأمين حقاً، قسم ليله للعبادة وتذكر الحديث والنوم، اشتغل بتعليم الناس مع الفتيا والوعظ والجهاد، والتعليم، وما ذاك إلا لسمو همته، ومضاء عزيمته، وقوة نفسه...

وهذا خالد بن الوليد سيف الله المسلول كتب اسمه في سجل الخالدين بحروف من النور، وخلد ذكره في ديوان الفاتحين بأسطر من ضياء، نصر الإسلام بسيفه، وخاض غمار المعارك، يعرض نفسه الأخطار، ويقدم روحه في راحته، مستهيناً بالمصاعب، حتى صار مضرب المثل في الفداء والتضحية وسمو القدر وجلالة المنزلة، وارتفاع المحل...

وسعيد بن المسيب سيد التابعين، ما فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام ستين سنة، وكان يمضي ثلاثة أيام مسافراً في طلب الحديث الواحد، وغالب جلوسه في المسجد، وكان مرجع الناس في الفتيا وتعبير الرؤيا، مع قيام الليل، والقوة في ذات الله، والغيرة على محارم الله، والصدق والزهد والإنابة، والسخاء والهيبة والعلم الراسخ...

وعطاء بن أبي رباح، المولى الأسود، رفعه الله بالعلم، مكث في الحرم ثلاثين سنة يطلب العلم، ثم صار مفتي الناس مع تقشفه، وإخلاصه وورعه، وتبحره وإتقانه في الرواية، وفقهه في الدراية، فصار إماماً للناس...

والحسن البصري المولى، جاهد في طلب العلم ومعرفة السنة، والصبر على الاشتغال بالأثر، مع ما رزقه من فصاحة ورجاحة، وملاحه فصار كلامه دواء للقلوب، ووعظه حياة للنفوس، وهو في ذلك واحد الناس زهداً وتواضعاً وإنابة، وخشية وورعاً، واستقامة، حتى رفعه الله في المحل الأسمى، وبوأه المكان الأعلى...

والزهري محمد بن شهاب حافظ السنة، وإمام الناس في الحديث، طلب العلم مع الفقر والحاجة، وصبر وثابر وارتحل إلى العلماء، واعتنى بالحديث فصار أحفظ أهل زمانه، مع فقه ودراية وسخاء حاتمي، وكرم سارت به الركبان، فاستحق أن يكون أسمه في دواوين السنة مرموقاً وفي القلوب منقوشاً...

وعامر الشعبي، الإمام الجامع للعلوم، كان قديم السلم وافر الحلم، كثير العلم، تبحر في السنة، وبرع في الأدب، مع ذهن وقاد، وقلب ذكي، وفهم ثاقب، حتى صار رسول خليفة عبد الملك إلى ملك الروم لعلمه وفهمه وبديهته، وفصاحته ونبله، وقوة شخصيته، وهو الذي يقول: " ما كتبت سوداء في بيضاء وما استودعت قلبي شيئاً فخانني، أي ما نسي علماً" ويقول: " لو أنشدتكم شهراً كاملاً شعراً ما أعدت بيتاً من غزارة حفظه"...

وأبو حنيفة الفقيه الكبير، اجتهد في طلب العلم، ورزقه الله فهماً وذهناً خصباً، حتى صار الناس في الفقه عيال عليه، فقعد واستنبط، وصدف عن الدنيا، وأعرض عن المناصب، وفرق من القضاء، واكتفى ببيع البز، مع عبادة وزهد وخشوع وصدق وذكاء منقطع النظير...

ومالك بن أنس إمام دار الهجرة، صاحب الموطأ الذي فاق الناس عقلاً، وأنفق عمره في طلب الحديث، حتى شهد له سبعون عالماً أنه أهل الفتيا، فصارت تضرب إليه أكباد الإبل، وتشد إليه الرحال، حباه الله بجلاله ووقار مع حسن سمت وجمال مظهر وسلامة مخبر...

والشافعي إمام الآفاق الذي قعد القواعد، وأصل الأصول، سخر جسمه ووقته في طلب العلم، فحل وارتحل، وجال وصال حتى ضرب بعلمه الأمثال، وصار كالشمس للبلدان، والعافية للأبدان، مع صبره وشكره وزهده، وأدبه وفصاحته، ونبوغه، وعلو همته، ورجاحة عقله وسعة معارفه...

وأحمد بن حنبل إمام السنة، وقامع البدعة، وبطل المحنة، طاف الأقطار وقطع القفار وجمع الآثار، مع الجوع الشديد والتعب المضني والفقر المدقع، والزهد الظاهر ثم ابتلاه الله بالمحنة، فحبس وجلد فما أجاب، فرفعه الله لعلمه وصبره وصدقه، حتى أصبح ذكره في الخالدين، وصار إماماً للناس أجمعين ..

وعمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد العابد المجاهد، مجدد القرن الأول، عزف عن الدنيا وأعرض عن الشهوات وأقبل على العلم والعبادة والزهد والعدل، فأقام الله به السنة وقمع به البدعة، وأنار به طريق الإصلاح وجدد به معالم الفلاح، فهو إمام هدى، وعالم ملة، ورباني أمة...

وسفيان الثوري زاهد زمانه، وعالم دهره، زهد في الفاني وأقبل على الباقي وحفظ الحديث، وجود الزاد، وأفتى وعلم وأمر ونهى ووعظ، ونصح بنية صادقة وعزيمة ماضية، وهو مع ذلك يحفظ أنفاسه ويربي جلاسه حتى أتاه اليقين...

وعبد الله بن المبارك الذي جمع الله له المحاسن، فهو العالم العامل الزاهد العابد المجاهد المحدث الحافظ الغني المنفق الأديب الفصيح، طيب الذكر، عظيم القدر، منشرح الصدر دأب في الخير وصبر على التحصيل، وداوم على الفضائل، حتى جعل الله له من القبول ما يفوق الوصف...

والإمام البخاري صاحب الصحيح، فتح الله عليه في العلم، فوصل الليل بالنهار في طلب الآثار حتى صار إمام الأقطار، فضرب بحفظه المثل، مع المعرفة التامة والفهم الدقيق، يزين ذلك خلق كريم وزهد مستقيم ثم ترك ميراثاً مباركاً في العلم في كتابه الصحيح الذي هو أجل كتاب بعد القرآن، فجزاه الله عن الأمة أفضل الجزاء، وأنزله الفردوس الأعلى...

وقس على هذا الإمام مسلم صاحب الصحيح ومصنفي الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم من المحدثين الأخيار أهل الهمم الكبار...

وانظر لسيبويه، إمام النحو الذي طاف البوادي وشافه العلماء، ثم ألف كتابه المسمى بالكتاب، فصار أعظم كتاب في النحو، وصار من بعده من النحاة عالة عليه، فاستحق الثناء واستوجب الشكر، ونزل منزلة سامية عند أهل الإسلام، لفرط ذكائه ولبراعته، ومئات النحاة تزينت بهم الكتب وأشرقت بهم المجالس، ولولا الإطالة لأشرت لكل واحد منهم، وإنما أكتفي بالأعيان ومن له ذكر وأثر وتفرد وتميز...

وهذا محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير، جمع الفنون وصنف التصانيف، وحاز قصب السبق في تفسير كتاب الله حتى صار شيخ المفسرين، وصار كتابه أعظم كتاب في هذا الفن، فتداوله الملوك، وتباشرت به الأقطار، ونهلت من فيضه الأجيال، فهو مرجع كل مفسر، ومعتمد كل عالم لكتاب الله تعالى...

وهذا ابن حبان صاحب الصحيح، المحدث الأعجوبة الذكي العبقري اللوذعي، طاف البلدان، وهجر الأوطان، وبرع في هذا الشأن، حتى روى عن ألفين من الشيوخ، ومن شاء فلينظر إلى كتابه الصحيح وكتبه الأخرى .. فإن فيها من التبحر والدقة والبراعة ما يفوق الوصف...

ومن الأئمة الكبار أبو اسحق الشيرازي الفقيه الشافعي صاحب المؤلفات الذائعة الشائعة، الماتعة النافعة، كان يكرر درسه مائة مرة، ويعيد القياس ألف مرة، حتى نحل جسمه من علو همته، وقوة عزيمته، وفيه يقول الشاعر:

تراه من الذكاء نحيل جسم

عليه من توقده دليل

إذا كان الفتى ضخم المعالي

فليس يضيره الجسم النحيل

ومن الفلاسفة الأذكياء وأهل المنطق والأطباء ابن سيناء الرئيس، فإنه برع في فنونه، وسهر الليالي في مذهبه، وجد وحصل وثابر وواصل، حتى صار يضرب بهمته المثل، وكان يكتب كل يوم كراسة، وصار أعجوبة الأعاجيب في تخصصه، وأحد أذكياء العالم على فسادٍ في مذهبه...

والفارابي الفيلسوف كان بزي جندي، انصب وانكب على كتب اليونان حتى رسخ فيها، وأدمن النظر في ضوابطها حتى أتقنها، وصار من أكبر الفلاسفة لصبره وهمته، وجلده، فيما توجه له من مذهب ..

والرازي الفخر صاحب التفسير جمع فأوعى، وصنف وألف، ودرس ووعظ، وخطب وكتب وصار عين زمانه وقريع دهره في بهجة مع الأبهة والفخامة الدنيوية والثراء الفاحش والله الموعد ..

ومن العلماء الربانيين الإمام النووي مات في سن الأربعين، لكنه ترك علماً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وحسبك برياض الصالحين، وهذا الإمام واصل ليله بالنهار وصام وقام، وسطع ولمع، وجمع في العلم، وهجر الكرى، وجد في السرى، حتى اعتزل الزواج ليتفرغ للعلم، فأتى فيه بالعجب العجاب...

وشيخ الإسلام وعلم الأعلام ابن تيميه سيد العلماء وكبير الفقهاء، جد في الطلب فحاز الرتب، حقق ودقق ووثق، ودرس وخطب، وأفلح حتى صار مجدد قرنه، ومصلح زمانه، وترك من التأليف ما يفوق الوصف براعة، وحسناً وأصالة، وعمقاً، فهو حقيقة مضرب المثل للعالم الرباني، العامل بعلمه زهداً وخشية وإنابة وجهاداً وصدقاً وتواضعاً وكرماً وشجاعة وإمامة، وما حصل على هذا الفضل بعد فتح الله وكرمه إلا بصبر وجلد، وسهر وتعب، ومشقة ونصب، لأنه كان ذا همة عارمة، لا تقبل الأدنى، وعزيمة صارمة لا ترضى بالدون، فبز علماء عصره، وصار المرجعية الكبرى للفتيا، فهو قصة سارت بها الركبان وأعجوبة قل أن يرى مثلها الزمان...

وتلميذه ابن القيم صاحب التصنيف المبارك البديع، الذي استفاد منه الموافق والمخالف، مع حسن لفظ، وبراعة إنشاء وقوة حجة، وصحة برهان ورسوخ علم، وعمق فهم، وكان هو في نفسه ذاكراً شاكراً صابراً صواماً قواماً عابداً زاهداً...

وابن رجب الحافظ المجتهد، كتبه خير شاهد على علمه، وفهمه وتبحره، وله جهد مبارك مشكور في شرح الأحاديث وإخراج كنوز الآثار بل لا اعلم عالماً له من البراعة مثل ما لهذا العالم الكبير...

ومنهم حافظ الدنيا في زمانه ابن حجر، صاحب فتح الباري الذي شرح فيه صحيح البخاري فقد دبجه في خمس وعشرين سنة، وصنف المقدمة في سبع سنوات، فأتى بما يذهل العقول ويدهش الألباب، مع عشرات من المجلدات غير ذلك، وكان دائم التحصيل والتأليف والتدريس لا يكل ولا يمل ولا يفتر، حتى أصبح خاتمة الحفاظ، وسيد الجهابذة، وشيخ المحدثين، ومن شاء أن يعرف هذا الرجل فلينظر في الفتح، فلا هجرة بعد الفتح...

ومنهم السيوطي جامع الفنون، وحائز قصب السبق في التأليف والتصنيف، وقد اعتزل في الأربعين، وترك تراثاً ضخماً من المؤلفات النافعة الذائعة...

وقبلهم ابن الجوزي واعظ الدنيا، أكبر مؤلف في كثرة ما ألف فقد ألف قرابة ألف مصنف، ما بين كتاب ورسالة، وشغل وقته بطلب العلم والحفظ والتفقه، والتصنيف والتدريس والوعظ، حتى أصبح حديث الركب، وقصة الزمن، وأعجوبة الدهر، فصاحة ونباهة وعلواً...

ومن أهل الهمم القوية والعزائم المرضية السلطان نور الدين محمود زنكي، الإمام العادل الخاشع العابد، الزاهد المجاهد الصوام القوام، الذاكر الشاكر الصابر الفريد، صاحب الرأي السديد والنهج الرشيد، عدل في الرعية وحكم بالسوية، وهجر الدنيا والدنية، ورزقه الله الشهادة بعد عمر حافل بالصالحات والخيرات...

ومنهم صلاح الدين الأيوبي فاتح القدس وهازم الصليب، وناصر الملة، ومقيم العدل، مع تقوى وديانة وخشية وأمانة، رفعه الله بالإخلاص ونصره بالصدق، وفتح عليه في الجهاد دوخ الأعداء ونشر الملة السمحاء، وجد في طلب العليا بهمة علياء...

ومثلهم مضى القادة الفاتحين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه بجمعهم الهمة والصبر، مع صدق العزيمة وقوة الإرادة وسمو القدر...

ومنهم مجدد الإسلام في هذا الزمان الإمام محمد بن عبد الوهاب، الذي جدد الله به دينه، ونصر به شرعه، وأعلى به كلمته وهو الذي دعا إلى التوحيد، وهدم الأوثان، وأزال الشركيات، وصحح المعتقد، وجاهد في الله حق جهاده بعزم أمضى من السيف، وهمة أقوى من الدهر، وصبر عظيم وإخلاص وتضحية، حتى رفع الله محله، وأعلى قدره، ورفع ذكره، وكبت أعدائه، فاستحق كلمة الثناء، ومنزلة الإمامة، ورتبة الربانية...

وممن عاصرنا ورأينا وجالسنا وعرفنا سماحة الإمام العالم العامل الشيخ عبد العزيز بن باز جامع الميمات الثلاثة، ميم العلم وميم الحلم وميم الكرم ، وكان إماماً في السنة على هدي السلف، محدثاً فقيهاً عالماً مربياً رفيقاً بالناس رحيماً متواضعاً صبوراً يقوم بأعمال يعجز عنها نفر من الرجال .. فكان يعلم ويفتي ويراجع الكتب ويرسل الرسائل للأفاق، ويشفع ويضيف وينصح، ويعظ ويحاضر ويحضر المؤتمرات، مع زهد وخلق وسماحة، وذكر وتهجد وصدقات، وإصلاح بين الناس وأمر بمعروف ونهي عن منكر وصبر على أذى وشفقة على المساكين، ورحمة بالفقراء وحب لطلبة العلم...

ولا ننس الإمام الفقيه العلامة الزهد محمد بن عثيمين كان فقيهاً ذكياً ألمعياً عالماً، علم وأفتى ودرس بصبر وحكمة ورفق، وأتقن عدة فنون شرعية، وواصل التعليم والإفتاء حتى طبق اسمه الآفاق، مع صدوف عن المناصب وزهد في المراتب، وإعراض عن الدنيا، وترك طلاباً نجباء وكتباً هي غرة عيون العلماء، صحة في المعتقد، وقوة في الحجة، وجمالاً في الأسلوب...

وكذلك محدث العصر وعلامة السنة في زمانه، الشيخ الإمام محمد ناصر الدين الألباني، صاحب المصنفات المشهورة، والرسائل النافعة، قضى عمره كله ليله ونهاره في خدمة السنة، تصحيحاً وتضعيفاً وجرحاًَ وتعديلاً، وكان على هدى السلف مع اهتمام بشؤون المسلمين وقضاياهم في مشارق الأرض ومغاربها...

ومحمد الأمين الشنقيطي، الإمام الحافظ الأصولي المفسر النظار اللغوي، حافظ وقته، وكان يلقي الدرس ارتجالاً فيأتي بالعجب العجاب، لجودة ذهنه وصفاء خاطره، وقوة حفظه، حتى انبهر منه العلماء وصار مضرب المثل للأذكياء...

الاثنين، 5 أبريل 2010

مفاتيح التميز

مفاتيح النجاح والتميز فى العمل

سأضع بين يديك بعض المفاتيح التي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجري الخير عليها ، وأن يرزقك حسن تطبيقها .




1- أول خطوة هو أن تتسلح بأسس وفرضيات التعامل الإنساني :



أن يكون وجودك بين الناس يتميزبالعطاء.


أن تؤمن بقبول الناس على مثالبهم وعيوبهم.


أن توقن بالضعف الفطري لبني البشر.


أن تؤمن بحق الآخرين في إثبات الذات والرغبة في التطوير والنجاح .


2- لا تجعل العمل غاية في ذاته ولكنه ضعه كوسيلة نبيلة للوصول للهدف الأسمى وهو عبادة الله سبحانه وتعالى . احرص على هذه النية واجعلها حاضرة في ذهنك وفي حسك ، فستحدث عندك نقلة كبيرة في حياتك .


3- ابدأ من هذه اللحظة في القراءة والإطلاع والالتحاق بالفرق التدريبية في فنون ومهارات القيادة وفن التعامل مع الناس .


4- نقي صدرك وسامح والتمس الأعذار للآخرين ، وأغلق كل ملفات العداءات المفتوحة بحب وإرادة.

5- ركز على أولوياتك ومشاريعك المستقبلية المصيرية .


6- ضع لنفسك قيماً ومثلاً عليا تتمثلها ، ولا تجعل ضغوط العمل وأهدافك الطموحة تهدم هذه القيم . واستعد لدفع ثمن هذا بالحلم والصبر الجميل .

7- اعلم بأنك في محطة مهمة من محطات الانتظار للانطلاق ، فلا تعلم ماذا تكسب ، وبأي أرض تموت ، فاستغل هذه الوقفة بالتزود بما يناسبك من مهارات وخبرات ستجدها في المستقبل خير معين لك في حياتك العملية .
8- انظر إلى الجوانب الإيجابية في زملاءك ورؤساءك ، وتخلص من أي شعور سلبي تجاههم ، فلربما يجد هذا الشعور قبولاً واستعداداً في نفسك ، فيهدم علاقاتك ، ويقوض قدراتك . فالناس ما زال بهم الخصال الطيبة التي تحتاج فقط الحاذق الماهر التي يستطيع أن يستخرجها ويفعلها .
9- تذكر مقولة " العرق في التدريب يوفر الدم في المعركة " فنحن أمام معركة حضارية مفتوحة فعليك بذل العرق والتعب بسماحة ورضى دون تذمر واستعجال للنتائج ، فكل ثانية بذلت فيها جهد ستجد أثره عاجلاً أم آجلاً .
10- أحسن الظن بجميع من حولك ، ولا تركز على ذاتك ، ولا تضع نفسك في المواجهة ، فأنت العقل المدبر للعمل ، وأنت مدير نفسك ، واجعل من نفسك رقيباً عليها ، وعليك أن توازن بين مصالح عملك ، ومصالحك الشخصية ، فلا تتحيز ، وحاول أن تؤثر الآخرين عن نفسك . فهذا يزيد من ثقتك بنفسك ، ويعزز من قدراتك ، ويرفع قدرك عند صاحب العمل .
11- أخيراً .. اختار عملاءك بدقة ثم تحمل نتيجة هذا الاختيار بكل إيجابياتها وسلبياتها .
12- اعلم بأنك في احد محكات الحياة التي تختبر قدراتك ، وهيئ نفسك واستعد وخطط من الآن ، بأن تنتقل إلى النقلة القادمة ، ولكن بعد أن تكون قد تركت أثراً طيباً في موقعك ، ونجحت في اجتياز هذا المستوى من الاختبار .














وأختم بقول الأستاذ الراشد " وكن رجلاً إن أتوا بعده يقولون مرَّ وهذا الأثر "